ترأس خليفة شاهين المرر وزير دولة، وفد دولة الإمارات المشارك في الاجتماع الاستثنائي مفتوح ‏العضوية للجنة التنفيذية على مستوى وزراء الخارجية، التابعة لمنظمة التعاون الإسلامي المنعقد بمقر ‏الأمانة العامة للمنظمة في جدة، بناء على طلب من فلسطين وإيران.‏
وتناول الاجتماع تطورات الأوضاع في المنطقة والتوتر المتصاعد في الوقت الراهن.‏
وأعرب في كلمته عن قلق دولة الإمارات العميق إزاء استمرار التصعيد وتداعياته على الأمن والاستقرار ‏في المنطقة، مؤكدا أن دولة الإمارات تؤمن بأن تعزيز الحوار والالتزام بالقوانين الدولية واحترام سيادة ‏الدول هي الأسس المثلى لحل الأزمات الراهنة.‏
كما أشار إلى موقف دولة الإمارات الثابت في رفض العنف والاغتيال السياسي بكافة أشكاله وصوره، ‏مؤكدا أن التصعيد والفعل وردود الفعل غير المحسوبة، دون أدنى اعتبار، للقوانين التي تحكم علاقات ‏الدول وسيادتها، تعقد الموقف وتزيد من مخاطر عدم الاستقرار، مشددا على ضرورة حل الخلافات عبر ‏الوسائل الدبلوماسية بعيدًا عن لغة المواجهة والتصعيد.‏
من ناحيته أكد وزير الشؤون الخارجية والجالية الوطنية بالخارج الجزائري أحمد عطاف، أن المراد من ‏تصرفات الاحتلال الصهيوني “الشائنة والممارسات المشينة” تجاه الدول المجاورة، إدخال المنطقة في ‏دوامة لا متناهية من الأزمات والصراعات والحروب.‏
وقال عطاف، في كلمته خلال الاجتماع الطارئ لمنظمة التعاون الإسلامي حول “الجرائم المتواصلة ‏للاحتلال الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني واعتداءاته على سيادة جمهورية إيران الإسلامية، أن هذه ‏التصرفات تجسد سياسة تصعيد اتخذ منها الاحتلال الإسرائيلي الاستيطاني نهجا وأسلوبا وخطة ‏واستراتيجية تجاه الدول المجاورة للتغطية عن لب وجوهر الصراع في المنطقة ولتحويل أنظار المجموعة ‏الدولية عن حرب الإبادة المتواصلة في الأراضي الفلسطينية المحتلة ولتسويق الصورة المزورة التي لم ‏يعد يصدقها أحد, وهي صورة الكيان الأعزل والكيان المحاصر والكيان الضحية في جوار مناوئ ‏ومعادي”.‏
وأوضح قائلا: “يلتئم جمعنا الطارئ هذا لبحث التطورات الخطيرة والمتسارعة التي تشهدها منطقة الشرق ‏الأوسط، وهي التطورات التي يحاول الاحتلال الإسرائيلي الاستيطاني فرضها على دول وشعوب المنطقة ‏كواقع جديد قوامه التوتر الدائم والتأزم المستمر والصراع المتواصل على أكثر من جبهة وعلى أكثر من ‏صعيد”.‏
ولفت الوزير الى أن هذه “التصرفات الشائنة والممارسات المشينة المراد منها إدخال المنطقة في دوامة لا ‏متناهية من الأزمات والصراعات والحروب, تثبت بما لا يدع مجالا للشك أو التأويل أن الاحتلال ‏الإسرائيلي الاستيطاني لا يجنح للسلم ولا يؤمن أصلا بفكرة السلام ولا بخيار السلام كخيار استراتيجي، ‏ويعتقد قولا وفعلا أن أمنه واستقراره يكمن في لا أمن ولا استقرار جواره، وأن تمتعه بالأمن في حرمان ‏الجوار منه، ويعتبر نفسه استثناء من كل ما أقرته المجموعة الدولية من قواعد وضوابط وأحكام للتعايش ‏السلمي الحضاري والمتمدن”.‏
وذكر عطاف بكيفية مقابلة الاحتلال الصهيوني انتصار العدالة الدولية للقضية الفلسطينية، من خلال ‏إمعانه في جرائمه وبتبنيه رسميا قرارا برفض إقامة الدولة الفلسطينية، وبتوسيعه لرقعة الحروب إلى ‏أكثر من وجهة وقبلة في المنطقة: في سوريا وفي اليمن وفي لبنان وأخيرا في إيران”.‏
ومن هذا المنظور، يضيف الوزير، فإن “الجزائر تجدد أشد الإدانة وأقواها للعدوان الإرهابي السافر الذي ‏تعرضت له إيران الشقيقة، والذي راح ضحيته رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، الشهيد إسماعيل ‏هنية”.‏
وأبرز عطاف أن “حقوق الشعوب وقضاياهم الوطنية لا يقضى عليها بالقضاء على حامليها أو المناصرين ‏لها، ولا تدفن مع دفن من سقطوا باسمها واستشهدوا من أجلها. بل هي حقوق لا تضيع وقضايا لا تندثر ما ‏دام هناك شعب يؤمن بأحقيتها وشرعيتها معربا عن أصدق آيات التعازي والمواساة للشعب الفلسطيني في ‏مصابه الجلل ولإيران الشقيقة أصدق عبر التضامن في وجه عدوان إرهابي سافر يستدعي منا الشجب ‏والإدانة والاستنكار”.‏
وبالنظر للجهود الدبلوماسية المبذولة لخفض التصعيد، يرى الوزير ضرورة التأكيد على ثلاث أمور ‏رئيسية تتمثل الأولى في أن “جهود خفض التصعيد هذه يجب ألا تتركز حول التجليات الجانبية للصراع ‏وتغفل جوهر ولب ذات الصراع”. وبعبارة أخرى، يوضح الوزير، “فإن خفض التصعيد يجب أن يبدأ ‏بوقف حرب الإبادة الدائرة رحاها في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وفي غزة تحديدا”.‏
أما الأمر الثاني فيكمن في “أن جهود خفض التصعيد هذه يجب أن تتوجه، وفي المقام الأول، صوب ‏المعتدي والمتسبب الرئيسي في التطورات الخطيرة التي تشهدها المنطقة، يقول الوزير معتبرا أن الأولى ‏ثم الأولى هو كبح جماح المحتل الإسرائيلي الغاصب والمتجبر وحمله على الكف عن انتهاكاته وتجاوزاته ‏وخروقاته التي لا حصر ولا عدد لها في فلسطين وفي سائر جوار فلسطين”.‏
بينما يتمثل الأمر الثالث والأخير في “أن جهود خفض التصعيد هذه يجب أن تتجاوز عامل الظرفية ‏وتندرج ضمن نطاق أوسع وأمد أطول”, مبررا ذلك بكون “تحقيق السلم المستدام والأمن الدائم في ‏المنطقة يبقى مرهونا بمعالجة القضية الفلسطينية وحلها وفق الثوابت والمراجع والضوابط التي توافقت ‏بشأنها المجموعة الدولية، وذلك عبر إحقاق الحقوق الوطنية الشرعية والمشروعة للشعب الفلسطيني، وفي ‏مقدمتها حقه الأصيل والمتأصل في إقامة دولته المستقلة والسيدة وعاصمتها القدس الشريف”.‏
في ذات السياق، أكد نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية وشؤون المغتربين أيمن الصفدي، أن إسرائيل ‏تتحمل المسؤولية الكاملة عن التصعيد الخطير الذي يدفع منطقتنا نحو هاوية حرب إقليمية ستفجر حتماً ‏المزيد من التوتر والصراع.‏
وشدد الصفدي، في كلمة في الاجتماع الطارئ لمنظمة التعاون الإسلامي، أن التصعيد “يتوقف بوقف ‏سببه، وهو العدوان الإسرائيلي الهمجي الغاشم على غزة، الذي يستعر منذ عشرة شهور، من دون فعل ‏دولي رادع، يلجم العدوانية الإسرائيلية، يوقف قتل الأبرياء، ينهي استباحة حقوق الشعب الفلسطيني، ‏يعاقب مرتكبي جرائم الحرب، ويحمي ما بقي من صدقية لقانون دولي ثبتت انتقائية تطبيقه”.‏
وقال الصفدي “يتفاقم التصعيد لأن المجتمع الدولي ومؤسساته سمحت لحكومة إسرائيلية يقودها التطرف ‏والعنصرية أن تفرض القتل والخراب والدمار على فلسطين، وأن تخرق القانون الدولي، وتعتدي على ‏سيادة الدول وأمنها”.‏
وأضاف “إسرائيل هي التي تقتل، وهي التي تخرب، وهي التي تدمر وتصعد، وعلى إسرائيل يجب أن ‏يضغط فوراً كل من يريد خفض التصعيد، وحماية الأمن والسلم الإقليميين والدوليين من تداعياته ‏الكارثية”.‏
كما حذر الصفدي من أن التصعيد سيتفاقم “حد التفجر حرباً شاملة إن لم يتحرك العالم فوراً لحماية ‏المنطقة من الانتقامية الفجة، والعقائدية الإلغائية العنصرية لرئيس الوزراء الإسرائيلي والوزراء ‏المتطرفين في حكومته، الذي وصل أحدهم حد تبرير قتل الفلسطينيين تجويعاً، والذين ينكرون على ‏الفلسطينيين إنسانيتهم، وكرامتهم، وحقهم في الحياة والحرية، ويعيثون في الأرض قتلاً، وتدميراً، ‏واستباحة لكل القيم الإنسانية.‏
وشدد الصفدي على أن “لا أحد منا يريد تصعيداً محتوم أن تداعياته لن تكون إلا دماراً لن يحل الصراع، ‏بل سيفاقم ويلاته. وموقفنا اليوم يجب أن يكون واضحاً صريحاً مباشراً: الطريق لخفض التصعيد تبدأ ‏بوقف العدوان على الشعب الفلسطيني في غزة، والضفة الغربية والقدس ومقدساتها الإسلامية والمسيحية، ‏التي ستبقى حمايتها أولوية الوصي عليها، الملك عبد الله الثاني ابن الحسين”.‏
وأضاف “ويجب أن يتبع الخطوة الأولى نحو خفض التصعيد خطوات فورية لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي، ‏أساس الصراع والشر كله، ولتجسيد الدولة الفلسطينية المستقلة ذات السيادة، على خطوط الرابع من ‏حزيران للعام ١٩٦٧، والقدس المحتلة عاصمة أبدية لها، سبيلاً وحيداً لتلبية حق منطقتنا وشعوبها في ‏الأمن والسلام والاستقرار”.‏
وشدد الصفدي على أنه “يجب أن يسمع العالم منا اليوم موقفاً واضحاً يرفض انتهاكات إسرائيل القانون ‏الدولي والقانون الدولي الإنساني وسيادة الدول”.‏
وقال إن “العدوان على العاصمة اللبنانية بيروت، خرق مدان فاضح للقانون الدولي وتصعيد خطير، ‏واغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية، في العاصمة الإيرانية طهران جريمة ‏تصعيدية نكراء، وعدوان على سيادة الجمهورية الإسلامية الإيرانية ندينه بالمطلق”.‏
ونوَّه الصفدي على أن الصراع لم ينتهِ “ولن تنعم المنطقة بالأمن والسلام ما لم ينتهِ الاحتلال ويحصل ‏الشعب الفلسطيني على حقوقه كاملة”.‏
وقال الصفدي “وستبقى المملكة الأردنية الهاشمية السند لفلسطين وأهلها، تطلب حقهم، وترفض قهرهم، ‏وتسند ثباتهم في أرضهم، التي ارتوت بدماء شهداء الجيش العربي الباسل، والتي يجب أن تتحرر من ‏الاحتلال وظلمه، ليرفع علم فلسطين فوقها رمزاً لسيادتها واستقلالها وتعيش حينذاك منطقتنا بسلام”.‏
وأضاف، خلال الاجتماع الذي دعت له فلسطين وإيران، “لا نريد تصعيداً لن يؤدي إلا إلى جر المنطقة ‏إلى هاوية حرب إقليمية كارثية يريدها التطرف الإسرائيلي خدمة لمطامع قياداته وأجنداته الظلامية”.‏
وشدد على أن “قولنا لكل العالم ومؤسساته، ولمجلس الأمن تحديدًا، واضح قلناه ونكرره هنا: أوقفوا ‏العدوان الهمجي على غزة، أوقفوا استباحة حقوق الشعب الفلسطيني وجرائم الحرب ضده، أوقفوا ‏خروقات إسرائيل للقانون الدولي وألزموها احترامه فينخفض التصعيد، الذي سيعود حتماً ليهدد أمن ‏المنطقة، ما لم يزل الاحتلال، ويرفع الظلم، وينتهِ القهر”.‏
وعلى هامش الاجتماع التقى الوزير أيمن الصفدي، وزير خارجية الجمهورية الجزائرية الديمقراطية ‏الشعبية الشقيقة أحمد عطاف، وبحث معه جهود خفض التصعيد الخطير الذي تشهده المنطقة، وسبل ‏تطوير العلاقات الأخوية بين البلدين الشقيقين.‏
كما التقى وزير الخارجية الإيراني علي باقري كني، حيث تابع الوزيران المحادثات التي كانا أجرياها ‏خلال الزيارة التي قام بها الصفدي إلى طهران تلبية لدعوة من كني، يوم الأحد الماضي. وبحث الصفدي ‏ووزير الخارجية الباكستاني إسحاق دار، في اجتماع عقداه على هامش أعمال اجتماع منظمة التعاون ‏الإسلامي، الأوضاع الإقليمية، وسبل تطوير العلاقات الأخوية بين البلدين. واجتمع الصفدي أيضاً، بنائب ‏وزير الخارجية في المملكة العربية السعودية وليد الخريجي، الذي يرأس وفد بلاده إلى اجتماع منظمة ‏التعاون الإسلامي الطارئ، وبحث معه الأوضاع الإقليمية، والعلاقات الأخوية بين المملكتين الشقيقتين.‏
‏/انتهى/‏

التعليقات معطلة.